قصيدة غرناطة

لنزار قباني

في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
عينان سوداوان في جحريهما
هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة
وأمـية راياتـها مرفوعـة
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
وجه دمشـقي رأيت خـلاله
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة
واليـاسمينة رصعـت بنجومها
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها
في وجهك العربي، في الثغر الذي
في طيب “جنات العريف” ومائها
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها
قالت: هنا “الحمراء” زهو جدودنا
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها

ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
قالت: وفي غـرناطة ميلادي
في تينـك العينين.. بعد رقاد
وجيـادها موصـولة بجيـاد
لحفيـدة سـمراء من أحفادي
أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
كانـت بها أمي تمد وسـادي
والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
في شعـرك المنساب..نهر سواد

ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في الفل، في الريحـان، في الكباد
كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
والزركشات على السقوف تنادي
فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
رجلاً يسمـى “طـارق بن زياد”