نقوش على أبواب النبط

وعند استلامي لنسختي من كتاب “نقوش على أبواب
النبط” للأستاد الفاضل “ظاعن شاهين”، سعدت بذلك وتصفحته كما طلب
مني بكل إمعان وروية وخلدت ذكره في ديواني “فيض الشجون” في المقدمة الذي
صدر في سنة 1996 بما يستحقه من ثناء وشكر و أهديته قصيدة بعنوان “النقوش
المبدعة” في نفس الديوان، وله مني كل تقدير وشكر.

سلطان بن خليفه الحبتور

  

ومن ضمن ما ذكره عني في كتابه نقوش على أبواب النبط
(ص:91،90،89،88،87):

“… كما استطاع الشاعر سلطان خليفه الحبتور رسم
صور مختلفة لهذا الفن من خلال دواوينه النبطية التي صدرت في الأعوام 87، 89، 1992،
منطلقا من أهمية الإسهام في إثراء الساحة الأدبية بالإبداع النبطي المتقن – كما
أشار في مقدمة دواوينه – معتمدا على الأسلوب السهل الممتنع مع نقله تحديثا وتجديدا
في تجربة الشعر النبطي وبمفردات منتخبة المعنى والموسيقى تستمد جذورها من التراث
تارة، ومن جزالة اللغة تارة أخرى، وهذا التمازج والترابط مهم ومطلوب دون خلل أو
إخلال حتى لا نفقد الإحساس بالإصالة والعراقة والحداثة في آن واحد…

لم تعد روحية الغزل هي المسيطرة على معظم قصائد سلطان بن
خليفة بل وجد الشعر مكانه في أغراض أخرى مختلفة ومثلما تنسج القصيدة نفسها من أجل
الشوق واللظى ها هي ترسم صورة صادقة حيث يطمس الشاعر صوته الفردي ليعلي من أثر
القضايا العربية الأخرى:

يا أبطـــــال الحجــاره

 

يا شعلــــــة لنتصـــار

سطّرتوا في جســــاره

 

فعـــــلٍ فلّ الحصـــار

دستوا اللظى واخطاره

 

وتحملتـــــوا الشــرار

يا محــــــلاها بشـــاره

 

فرِحــــت بكُم لمصار

شعبٍ ذاق المـــــــراره

 

ما أذعـــــن بانهيــــار

هذا وقــــت انتصــــاره

 

ولا عنـده من خيار…

 

والشاعر سلطان بن خليفه له منهاج محدد ورؤية واضحة، فهو
من الشعراء الذين يتعاملون مع القصيدتين الفصحى والنبطية بتمكن وإتقان ورقى ،
ويشير إلى أن هناك من يعتقد أن الشعر النبطي ترف لا لزوم له، وما هو إلا تهويمات
هامشية مفرغة المضمون، خالية الصور، جذورها سطحية، والأهداف محصورة في أغراض
محدودة كالغزل والمدح، وأن الناحية الإبداعية شبه مفقودة ومن الصعب تحديث هذا
الشعر والإرتقاء بمضامينه ومفاهيمه لتحقيق الغاية المرجوة.

يؤكد الشاعر سلطان بن خليفة الحبتور في مقدمة ديوانه
النبطي – إبداعات نبطية – أنه مهم جدا أن نأخذ هذا المنحى النقدي بنظرة جدية فاحصة
ونركز على النواحي الإيجابية للوقوف على المثالب لتقويم التجربة وتنقيتها من
الشوائب وفتح نوافذ أشمل ومجالات فكرية أرحب، مقتفين أثر الرواد الأوائل في الشعر
النبطي مع عدم إغفال عناصر الحداثة لمواكبة العصر، وأن نتجنب الاجترار المتكرر
والممل والإبتعاد عن الشعر الهابط والرديء وهذه هي مهمة المبدعين في كل عصر وأمة.

ويشير سلطان بن خليفة أن قاموس الشعر النبطي غني بالمخزون
اللفظي واللغوي الجزل والمفردات الإبداعية المؤثرة والجمل الحية بالصور والأمثال
والحكم، ونحن مطالبون بتوظيف هذه الإمكانات للإرتقاء بالذوق والحس والمعنى لتجسيد
هذه الأهداف، مع الأخذ بالإعتبار أهمية مجاراة التطور الفكري السريع للأجيال
ومواكبته وبعث التأثير الجاذب والخلاق في الوقت نفسه فيه، وصقل التجارب في بوتقه
الحداثة المتطورة بأسلوب إبداعي مرن.

وإذا أمعنا النظر في الإبداع النبطي للشاعر سلطان بن
خليفة نستشف المحاولات الصادقة ألتي أولاها لهذا الفن الموروث فهو يحاول إعادة
تشكيل القوالب بما يتماشى مع الحداثة أثناء البناء للوصول للبساطة وتسهيل
الاستيعاب لدى الجمهور، ومخاطبة جيل الشباب بالذات والتقريب بين العامية والفصحى
من منظور حديث متطور ومتجدد دائما، ولأن الشعر هو الملاذ الذي يلجأ إليه الشاعر
كلما طوقته الدنيا بهمومها، ولأن الشعر منهاجا وقيمة وفنا نجده يطرق أبوابه بصوت
دافئ، دعونا نقطتف من هذا المنهاج روح الشعر:

أرى الشعر جنّة من جنـــــان السعادة

 

 

يسرح به المشتــــاق في بحر لشواق

والشعــــر لو لا الشعـــر ما حــن واله

 

 

ولا بيّح القلـــــــب المعنّى ولا ضاق

صدى الشعر يبقــى في الخوافي رنينة

 

 

ويخفف آلام الحيـــــــارى وينســــاق

والشعـــــــــر نهج للقــــــروم السوابق

 

 

سارت به الخيـــل النجيبه مِ لعتــــاق

ولي ما يعرف الشعر وش عاد صرفته

 

 

إذا ظالت الرِّماس والشعـــــر سبّاق

ولي ما فطـــــن معنى القوافـي وقودها

 

 

لابد يخسر في مغــــــازيه بخفــــاق

جليل م لشعـــــــــار تبري الهــــواجس

 

 

وكثيرٍ هشيمٍ زايف القــــــول روناق…

 

وكثيرا ما يحاول سلطان بن خليفة الإرتقاء بالأغراض
الشعرية وتوظيف هذا الفن في قضايا الإنسان، لذا نجد أن شعره مرتبط بالوطن والأرض
والإنسان، ويمثل هذا الترابط أحد العناصر التي يتكون منها نسيجه الشعري.”
(إنتهى المؤلف في البحث والتوصيف)

 فيض الشجون

FS0001

هو الديوان الرابع على طريق الإبداع النبطي الذي ألزمت نفسي باتباعه وعلى ما درجت
عليه الدواوين السابقة الثلاثة (صدى البيداء، إبداعات نبطية، بوح الخوافي).

هو إبداع حديث متقن بعيد عن التكلف أصيل المنبع واللغة
سلس الاستيعاب راقي الذوق، متجدد ومتطور، غني الروافد والصور والموسيقى عميق الجذور
والأحاسيس، ما هو إلا رافد من روافد الحركة الإبداعية الأدبية الإماراتية وخاصة في
مجال (الشعر النبطي)، وإضافة إلى مكتبة الأدبية وما يعني ذلك من جهود مضنية يجب أن
تبذل مني ومن غيري من المهتمين بالحداثة والإصالة الإبداعية والتجديد فيها ومواكبة
العصر.

إن النخبة المثقفة والمهتمة يقع عليها المسؤولية كمجموعة
تكمل بعضها البعض بكل فخر وإعتزاز لأن هذا هو تراث الإمارات أولا وأخيرا وجزء مهم
من تاريخ الأدب، ونحن جميعا معنيون، شعراء وأدباء وحركة نقدية وتوثيقية وكل جهد
وكل كتاب يضاف إلى المكتبة الوطنية هو في النهاية رصيد غال وثمين وسجل وثائقي نعتز
به جميعا، كم كنت سعيدا بالجهد الذي بذله الأديب الشاعر ظاعن شاهين والكتاب الذي
أنجزه (نقوش على أبواب النبط) لو لم يوجد شعر جيد وشعراء يستحقون الدراسة لما وجدت
الدراسة، فإلى مزيد من الإبداع، وإلى مزيد من الدراسات الوطنية المواكبة لذلك.

والله ولى التوفيق مع شكري وتقديري…

سلطان بن خليفه الحبتور

 نقوش على أبواب النبط (ديوان فيض الشجون – 1996)  

أتحفنا الأخ الأديب ظاعن شاهين بكتابه الإبداعي (نقوش على أبواب النبط) تلك الدراسة
المتأنية عن تاريخ الشعر النبطي وتصنيفه وأغراضه وما يتصل به من شعراء مبدعين
ومجيدين من دولة الإمارات، قديما وحديثا ونماذج من أشعارهم، إستنادا إلى مراجع
كثيرة وإني إذ أشيد بالجهد المميز الذي بذله الأستاذ ظاعن شاهين متحققا تارة
ومقارنا تارة أخرى بجهد وجلد الدارس ويقين الباحث الذي وضع أمامه هدفا ساميا في
تسليط الأضواء على إبداع النبط في الإمارات مستعرضا شرائح مختلفة من الشعراء
وإبداعاتهم لأزمنة مختلفة وكذلك لأغراض مختلفة ومتباينة.

إني إذ أعتبر هذا العمل من الدراسات الوطنية الجادة في
مجال الشعر النبطي يضيف للمكتبة الثقافية لدينا ما ينقصها في هذا المجال بحس
الأديب المتواضع وإنصاف الدارس المتمكن، بأسلوب أدبي شيق، متمكن، واضح المفاهيم
والمقاصد سهل، سلس في إنتقاله من باب لآخر أو مقارنة لأخرى.

أشكر الزميل ظاعن شاهين وأتمنى له التوفيق لدراسات أشمل
في مجالات الأدب الإماراتي وغيره، وأتمنى أن يحذو حذوه من المهتمين بالأدب وحركته
والشعر وإبداعاته غيره من الشباب المواطن لأنا بحاجة لرصيد بحثي يكون ركيزته
المواطنين وتواصلهم المستمر وعطائهم المستفيض سواء في مجال الشعر الإماراتي أو
باقي الآداب والفنون المختلفة، وتوثيق هذه الأبحاث ووجهات النظر والنقد ما هو إلا
توثيق مطلوب للدراسات النقدية وحركة الأدب والمقارنات بصورة أشمل للرجوع إليه
وحفظه من الضياع والتلف.

أما عن النقوش المبدعة للأخ الشاعر والأديب ظاعن شاهين
له مني هذه التحية وهذه القصيدة:

النقوش المبدعة  

إلى الأخ ظاعن شاهين بمناسبة صدور كتابه
(نقوش على أبواب النبط).

 

نقوشك سفينة في بحور القصيدة

 

 

تمضــــي إلى غاياتهـــا بالتفانيد

تبحر بنا في عالم الشعـر والنبط

 

 

وتغوص في لجّ اللالي المناضيد

أهنيك  يا من جـــــــاد واجتهـــــــــد

 

 

وفنّد معانيهــا وفحــوى الأناشيد

نقوشٍ بهـــــا لبداع والفن واضح

 

 

دونـــت تاريخ النبـــط بالأسانيد

“ظاعن” أهني فيك جلّ اجتهادك

 

 

تراثنــــا فخر ومجــــدٍ به انشيد

ابدعت فــــي ابراز هذي المــآثر

 

 

وازدان باب النبــط ابها بتمجيد

انصفت في بحثك ونلـت المقاصد

 

 

تكفي اليميل اللّي نقشتــه بتوكيد

ومنّـــــي التحــايا عاطرات زكية

 

 

هبّت بنشرٍ للخزامـــى من البيد

من ديوان فيض الشجون لسلطان بن خليفه الحبتور