أرشيف التصنيف: المقالات
قصة وصورة
هذه الصورة إلتقطت في يوم عيد الاضحى من سنة ١٩٧٧م بالمسجد الأقصى عندما زاره الرئيس المصري أنور السادات لأداء صلاة العيد فيه وكان ذلك من ضمن زيارته الشهيرة للكيان الإسرائيلي . وبعد دخول السادات المسجد الأقصى كان الحاج راضي السلايمة جالساً في المسجد الأقصى وقد أعطى ظهره للسادات كما هو واضح بالصورة بعد أن صلى الفجر مع جماعة المصلين في المسجد الاقصى كعادته كل يوم آنذاك فبقي جالساً بمكانه ينتظر صلاة العيد ولم يتحرك عن مكانه حتى بعد ما دخل السادات المسجد الأقصى وجلس خلفه فجاءه حسن التهامي وهو سياسي وعسكري مصري رفيع ومن المقربين للسادات وكان من ضمن الوفد المرافق له في زيارته تلك للكيان الإسرائيلي ، فقال للحاج راضي : يا حاج راضي الريّس السادات يريد أن يصلي ، فرد عليه : وهل أنا حايشه ؟ أنا هنا لله وليس له أو لغيره من البشر ، وحين انتهت صلاة العيد بالمسجد الأقصى قام السادات بنفسه وتوّجه للحاج راضي للسلام عليه لأنه كان يعرفه شخصياً قبل ذلك ، فقال له : إزيك يا راضي … يعني ولا كأنك تعرفني دا بقا إسمه كلام ؟! فرد عليه قائلا له : يا سادات أنت لم تأتِ لتحرر القدس بل جئت لتؤكد تسليمها لهم.
ملاحظة :
الحاج راضي السلايمة هو من مواليد الخليل عام ١٩٠٥م وسكن في مصر ٢٤ سنة وكان له نشاط دعوي فيها وهو خريج الجامع الأزهر ، وتوفي عام ١٩٩٦م ودُفن في مقبرة باب الأسباط في القدس ، فرحم الله الحاج راضي السلايمة وغفر له … فقد كان رجلا لا يعرف النفاق ولا يخشى في الله لومة لائم .
نظرة الفُرس للعرب والمسلمين
قال نزار السامرائي عميد الاسرى العراقيين في السجون الإيرانية، في حديثه لبرنامج الذاكرة السياسية :
¤ جاء إلينا في السجن ضابط إيراني جامعي وسألنا : ماهو الاستعمار ؟
فقال أحدنا الإستعمار هو الذي سلم فلسطين لليهود ..!
وآخر قال أنه سبب تخلفنا !!
وثالث قال الاستعمار هو
سبب الحرب بين إيران والعراق ..!!
وتعددت التعريفات للاستعمار من شخص لآخر وفي كل مرة يقول لا ليس هذا !!!
▪فطلبنا منه أن يخبرنا هو عن تعريفه للإستعمار ؟
⬅ فقال : كل ماذكرتم من الإستعمار سيرحل ولو بعد حين !
لكن الإستعمار الحقيقي هو أن ترى والدتك تقرأ القرآن باللغة العربية !
الإستعمار الحقيقي هو أن تسمع الأذان خمس مرات باللغة العربية !
الإستعمار الحقيقي أن تذهب للحج الى مكة !
⬅ العرب ؛ هم الإستعمار الحقيقي ..!
فقد قام قوم من البدو المتخلفين بإسقاط إمبراطورية فارس العظيمة !
هذه نظرتهم للدين الإسلامي الحنيف وللعرب لن ولم تتغير !!*
فاعتبروا يا أولي الألباب !
زمن التحميص
للشيخ بكر أبو زيد المتوفى عام 1429
قال رحمه الله في كتابه حراسة الفضيلة:
زمن التمحيص
إنَّ المراهنة على اندثار هذا الدين بشعائره العظيمة و فرائضه ، بل وسننه ، مراهنةٌ خاسرة لم تفز يومًا منذ زمن أبي جهل حتى زمن أتاتورك ؛ ولكنكم قومٌ تستعجلون !
واعلم – ثبَّت الله قلبك – أنَّ الإسلام لا يموت ، لكنه يمر بفترات تمحيص ينجو فيها أهل الصدق ، ويسقط فيها مرضى القلوب في أوحال الانتكاسة ، فاصبر واحتسب ؛ فلستَ خيرًا من بلال ، ولستِ خيرًا من سميَّة رضي الله عنهم أجمعين .
واعلم أنه ستمر بك أيامٌ عجاف ، القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ، سيُحزنك الواقع ، وتؤلمك المناظر ، هذه المشاعر عظيمةٌ عند الله ، ودليل خيرٍ وقر في قلبك ، لا تنحرها بسكين الانتكاسة !
ويا أخي لا يغرنَّك في طريق الحق قلة السالكين ، ولا يغرنَّك في طريق الباطل كثرة الهالكين ، أنت الجماعة ولو كنتَ وحدك { إنَّ إبراهيمَ كان أُمَّة } كن غريبًا .. وطوبى للغرباء !
أخيرًا : اِعلم أنَّ خروجك من قافلة الخير لا يضر أحدًا سِواك ! ووجودك فيها فضلٌ من الله عليك ونعمةٌ أنعم بها عليك ، والخروج منها هو الخسران المبين في ثوب مواكبة العصر والزمن الجديد !
واعلم أنَّ شريعة السماء تسير غير آبهة بأسماء المتخاذلين ، تسقط أسماء وتعلو أسماء { وإنْ تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .
فاللهم نسألك الثبات على الحق و نسألك حسن الخاتمة.
و صل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
نوع من شجر التين يثمر حوالي 9 شهور بالسنة
الفلسطينيون وقمم مكة
السبت – 27 شهر رمضان 1440 هـ – 01 يونيو 2019 مـ رقم العدد [14795]
جريدة الشرق الأوسط
نبيل عمرو
كاتب وسياسي فلسطيني
معارك الفلسطينيين المضمونة الفوز، هي تلك التي يخوضونها في المحافل العامة، مثل القمم العربية والإسلامية والأفريقية، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وغالباً – إن لم يكن دائماً – يحصلون على كل ما يطلبون من عبارات الدعم السياسي. وكثيراً ما كانت اللجان التحضيرية للبيانات الختامية تطلب منهم صياغة العبارات التي يرغبون فيها، وفي التصويت القانوني الذي غالباً ما يكون مضموناً، تمر القرارات المتعلقة بهم، إما بأغلبية كاسحة وإما بالإجماع، فيعود السياسيون إلى شعبهم بإنجازات تحتمل القول بأن إجماعاً عربياً ودولياً يقف وراءهم.
القرارات الصادرة عن المحافل العامة هي الرصيد الأساسي الذي يستند الفلسطينيون إليه في محاججاتهم مع خصومهم. وقد بنيت الرواية الدبلوماسية الفلسطينية على أساس هذه القرارات.
غير أن خلاصات تراكمت على مدى عقود من الزمن، أنتجت يقيناً لدى الشعب الفلسطيني بانعدام الفاعلية لآلاف القرارات الدولية المؤيدة لحقوقهم، والتي ترفق عادة بجملة متكررة، مفادها أن السلام والاستقرار في المنطقة والعالم لن يسودا إذا لم تطبق هذه القرارات، دون أدنى إشارة لا من قريب ولا من بعيد لآليات التطبيق.
لا يلام الفلسطينيون حين يقيمون وزناً للقرارات المؤيدة لحقوقهم، غير أن طبقتهم السياسية تلام حين تبالغ في الاعتماد على هذه القرارات، وتواصل الجري لبلوغها دون كلل أو ملل، في الوقت الذي تنفذ فيه على الأرض قرارات معاكسة؛ بل ومناقضة، تتكفل بها قوة الخصم وأمره الواقع. فإن رفضت دول العالم سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين، فإنها في الوقت ذاته تطور علاقاتها معها، ما يفرغ القرارات المستنسخة من محتواها.
وفي قلب معمعة «صفقة القرن»، التي تم تأجيل الشق السياسي منها لعل الاقتصادي يسهم في تمريرها أو تطويق المعارضة الفلسطينية لها، فإن الفلسطينيين دخلوا بحكم التداعيات التلقائية للأحداث، في تنافس نفوذ مع الإدارة الأميركية في مجال القرارات العربية والدولية، فبينما تتبنى إدارة ترمب ورشة المنامة تحت عنوان «سلام من أجل الازدهار» وتعمل على استقطاب أقصى ما تستطيع من دول للمساهمة في هذه الورشة، يطلق الفلسطينيون حملة لإحباط المسعى الأميركي، ويعملون على مستوى القمم العتيدة في هذا الاتجاه، ويستعينون من أجل إضفاء الجدية على مسعاهم باعتذار روسيا والصين عن عدم المشاركة في ورشة المنامة، دون إغفال الموقف الأوروبي المتشكك؛ بل والمتأكد من عدم فاعلية «صفقة القرن» في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
غير أن صدفة لم تكن محسوبة وقعت هذه الأيام، ستبعد الجزء الأخطر من «صفقة القرن» (السياسي) عن التداول الساخن، وهي الأحداث التي تجري في إسرائيل على مستوى تعثر تشكيل الحكومة الجديدة، التي كان توقيت ولادتها السبب الرئيسي لتأجيل «صفقة القرن» إلى ما بعد تشكيلها. وإذا دخل الإسرائيليون في دوامة انتخابات جديدة، تليها دوامة ربما تكون أصعب، وهي بلورة ائتلاف حكومي جديد، فذلك كله لا بد أن يقود إلى تأجيل إضافي لا أحد يعرف إلى متى.
في قمم مكة، وإن كانت مخصصة لبلورة موقف عربي وإسلامي جماعي ضد التحرشات الإيرانية بدول الخليج، إلا أن المملكة الداعية والمستضيفة عملت على إرضاء الفلسطينيين وتهدئة مخاوفهم، وذلك ضمن السياق التقليدي لسياسة المملكة تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية. وللدبلوماسية السعودية ممرات ومسالك تتفادى الأزمات، وتبلسم جراح الفلسطينيين.
مَن يعتدي على مَن في الخليج؟
بإطلاق اقتراح محمد جواد ظريف، وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، من بغداد، وهو اقتراح بتوقيع اتفاقية عدم اعتداء بين إيران ودول الخليج، انطلقت تعليقات كثيفة في وسائل التواصل الاجتماعي في معظم عواصم دول الخليج، أحدها لافت وحصد تداولاً واسعاً، فقد قال صاحبه: «كنا نعتقد أن إيران سوف تصدر لنا الثورة، فإذا هي تصدر لنا النكتة»!
دولة كبيرة ومدججة بالسلاح ومشبعة بالشعارات حتى الثمالة تطلب من جيرانها المسالمين توقيع معاهدة عدم اعتداء! ظريف مرة أخرى، يسير خلف خطى غريمه صدام حسين بنفس المنهج، فقد كرر فكرة «تقليم أظافر المنطقة وعزلها» من أجل الانفراد بها. لا أعتقد أن محمد جواد ظريف وأمثاله في النظام الإيراني ينقصهم الذكاء لمعرفة واقع الأمر في المنطقة والعالم، ولكن الأقرب إلى الجزم به أنهم في الغالب يفتقدون إلى الشجاعة لبيان وجهة نظرهم في تفسير الأحداث للقيادة العليا في طهران، وحساب مواجهة التقديرات الخاطئة التي تتخذها الخيارات المهلكة التي تسير نحوها، وهي سمة من السمات الأساس في الدول الشمولية، الصمت والمداهنة في مجتمعات الخوف.
السؤال الذي يمكن أن يُسأل؛ هل هناك دولة خليجية يمكن أن تفكر أو ترغب في «الاعتداء» على إيران؟ بالطبع الإجابة القاطعة هي «لا» كبيرة، فعادة تكون دوافع الاعتداء هي الرغبة في التوسع الجغرافي أو الحصول على موارد غير متاحة أو تصدير آيديولوجيا، وجميعها عناصر غير متوافرة لدى أي من دول الخليج تجاه إيران! الذي يقوم بالاعتداء ويصرّ عليه هو النظام الإيراني. وللتذكير بالمطاعن الإيرانية في الجوار، ففي لبنان مسدس مرفوع على رأسه، وفي اليمن بين أقلية تريد العودة إلى العصر الكهنوتي وبين أغلبية تريد دولة مدنية عصرية، وفي سوريا بين دولة طبيعية ودولة قمعية تبيع أراضيها لمن يدافع عن قمعها، وفي العراق بين دولة مؤسسات ودولة ميليشيات، المسدس والحكم الكهنوتي والميليشيات كلها بدعم وتمويل إيراني، فمن يعتدي على من؟
في اليمن، وعند طرح هذه القضية على المسؤولين الإيرانيين عادة ما يجيبون بأن الحرب في اليمن هي حرب بين فئتين يمنيتين متقاتلين، هروباً من قراءة الواقع أو الاعتراف به بالطبع، فالحوثي في اليمن دخل في 6 حروب مع نظام علي عبد الله صالح، ولم تكن لديه صواريخ طويلة المدى ولا طائرات مسيّرة، وليس من العقل أن يصبح صاحبَ كل تلك الترسانة بين يوم وليلة، لولا المساعدة النشطة بالمال والخبرة من النظام الإيراني، لتحقيق أهداف سياسية لم تعد قابلة للتغطية أو التعمية! عندما تتحدث عن التدخل السلبي الإيراني في لبنان، الذي أفقر اللبنانيين، وأقعد الدولة عن القيام بمهامها الطبيعية، يقول لك محدثك الإيراني إن ذلك شأن داخلي لبناني، متجاهلاً أو قلّ محتقراً لعقول الناس، كيف يمول النظام تلك الفئة من الناس مستغلاً فقرهم ومستفيداً من شعارات يقبلها البسطاء، ويقوم في الوقت نفسه بالتمويل المادي، «على حساب قوت الشعب الإيراني»، كما يقوم بإرسال السلاح الذي يكتم أنفاس اللبنانيين، كما أن التدخل في سوريا الذي ما زال نشيطاً بين تدخل ميليشياوي وعسكري رسمي، والذي خلّف ملايين القتلى والمشردين والنازحين، يقال لك إنه بطلب من السلطات السورية! وهل ذلك يعني إعانة نظام ما على قتل شعبه، فقط لأن ذلك النظام قد طلب المعونة؟ ويتكرر الأمر، ولو بصورة أخرى في العراق وفي مناطق عربية مختلفة. وليس سراً، بل في تصريحات معلنة، قالت أعلى سلطة في إيران، وأكثر من مرة: «نحارب في سوريا من أجل ألا نحارب في الأرض الإيرانية»، كناية عن رغبة في توسيع رقعة الصراع، ولو على حساب أبرياء من العرب، كل مرادهم أن يعيشوا في دولة حديثة غير قمعية! لقد ضجر كثيرون في الإقليم من تدخلات إيران وعبثها في مقدرات عدد من الشعوب العربية، جرياً وراء سراب غير معلن، وهو إعادة «الإمبراطورية الفارسية» وشعار معلن هو بسط الإسلام الذي تتصوره إيران على الشعوب، وكلا الأمرين هما تصور وفهم خاطئ وواهم لمسيرة التاريخ والتحضر وغير مقبول لأغلبية من المواطنين في هذه الرقعة الجغرافية العربية.
اقتراح ظريف والاقتراحات المماثلة القادمة من واشنطن تتراوح بين السخونة والليونة، وفي الغالب سوف تقود إلى باب مفاوضات تبدأ في الحجرات الخلفية، ثم تظهر إلى العلن، إلا أن هناك عاملين سوف يلعبان دوراً مهماً في مسيرة تلك المفاوضات، إذا لم تحدث كارثة ويدخل الإقليم في حرب غير متوقعة. العامل الأول الثقة بين الأطراف جميعها، على رأسها طهران وواشنطن، فعامل الثقة في أدنى مستوياته، بصرف النظر عن التصريحات المعلنة، والثاني هو عامل الوقت، فقد تبين أن المفاوض الإيراني لأسباب ذاتية موضوعية، منها تعدد مراكز اتخاذ القرار في طهران وتعقدها، يحتاج إلى وقت قد يكون طويلاً من أجل الوصول إلى نتيجة ما في المفاوضات. لقد تفاوضت إيران مع الدول الخمس زائد واحد، سراً وعلناً، لمدة 12 عاماً، وهو وقت لا يتوافر اليوم لطهران بسبب المقاطعة الاقتصادية المتعاظمة عليها، ولا لواشنطن بسبب المماحكات الداخلية والانتخابات الرئاسية القادمة. كما أن أدوات الضغط المتاحة لإيران تأتي بنتائج عكسية، منها تهديد أوروبا بأن تتخذ موقفاً إيجابياً تجاه طهران، أو تعود طهران إلى التخصيب النشط، هذا الشرط ينتج ردّ فعل معاكساً، وهو انحياز أوروبا في نهاية المطاف إلى الموقف الأميركي تحوطاً، كما أن طهران تفقد حلفاء اقتصاديين باستمرار، مثل الهند والصين، وربما حتى الاتحاد الروسي! جميع الأطراف الداخلة في الصراع ليس لها امتياز إضاعة الوقت، كما كان متاحاً في السابق.
لقد قربنا جميعاً من مرحلة انحسار الضبابية التي اتسمت بها السياسات في الإقليم الخليجي لفترة، تلك الضبابية تبين أنها مكلفة في المال، وفي استنزاف الطاقة، وفي ضياع الفرص، وهدم الأوطان، كما أنها ضبابية قد تقود إلى ما يحاول الجميع تجنبه، وهو الحرب المفتوحة، والاستجابة إلى مشاعر التأجيج المنفلتة القائمة على أوهام. أما الخيار الإيراني الذي نفذ حتى الساعة، وهو الحروب الصغرى في الجوار ساكنة أو نشطة، تحت ذرائع مختلفة، فلم تعد مقنعة أو ناجزة، هي استنزاف لا أكثر، ضجر منها الجميع، وخاصة دول وشعوب الإقليم والمجتمع الدولي، إنه وقت إغلاق الملفات، لا إضافة أوراق جديدة إليها.
آخر الكلام…
مِن الصعب التعامل مع نظام يعتقد جازماً أن ما يفعله ويقوله هو الحق، ولا حق غيره، وأنه معزز من قوى خفية!
لقاء مع الشاعر سلطان بن خليفة الحبتور
محمد بن راشد يطلق “وثيقة الخمسين”
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، «وثيقة الخمسين»، وتتكون من تسعة بنود تمثل الجوانب التي سيتم القيام بها لتحسين الحياة بكل جوانبها في دبي خلال 2019، مؤكداً سموه العمل والقدرة خلال الخمسين عاماً المقبلة على تحقيق مدينة فاضلة كاملة يحكمها القانون، وتسود فيها روح الرحمة والمحبة، ويعيش أهلها في انسجام وتسامح، وتتميز الحياة فيها بالسهولة والرخاء، وتتمتع أجيالها القادمة بالفرص والبيئة الحقيقية لتحقيق كل أحلامهم وطموحاتهم.
وغرّد سموه على تويتر: الإخوة والأخوات.. هذه وثيقة تمثل عهدنا ووعدنا لكم في ما سنقوم به لتحسين الحياة بكل جوانبها في دبي خلال 2019.. الوثيقة سنجددها سنوياً في الرابع من يناير كل عام.
ووجه سموّه الجميع بالعمل وفقاً للوثيقة، حيث قال «توجيهاتنا للجميع بالعمل وفقاً لهذه الوثيقة، ووفقاً لوثيقة المبادئ الثمانية التي أطلقناها أيضاً؛ ضماناً لاستمرار الرخاء، وديمومة الازدهار، وتسارع المسيرة».
وقال سموه في مقدمة الوثيقة:
من محمد بن راشد آل مكتوم، إلى أهل دبي وساكنيها. هذه الوثيقة التي بين أيديكم تمثّل عهدنا ووعدنا بالنيابة عن نفسي وعن الأسرة الحاكمة لدبي، في ما سنقوم به تحسيناً لجودة الحياة، وتطويراً لمجتمع دبي، وضماناً لمستقبل الأجيال القادمة. وهي وثيقة سنوية، أسميتُها «وثيقة الخمسين»، تيمّناً بمرور خمسين عاماً على تولي أول مسؤولية لي في خدمة هذا الشعب، وتفاؤلاً بخمسين عاماً مقبلة، نستطيع فيها تحقيق مدينة فاضلة كاملة، يحكمها القانون، وتسود فيها روح الرحمة والمحبة، ويعيش أهلها في انسجام وتسامح، وتتميّز الحياة فيها بالسهولة والرخاء، وتتمتع أجيالها القادمة بالفرص والبيئة الحقيقية لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم كافة.
وأضاف سموه: إننا نعلن في الرابع من يناير من عام 2019، التزامنا والتزام الأسرة الحاكمة في دبي، والتزام حكومتنا، وكل فرق عملنا، بالرؤية الواردة في هذه الوثيقة، باذلين في ذلك كل الجهود، ومراعين كل الظروف، ومقدّرين جميع الإسهامات، وسائلين المولى، عزّ وجلّ، أن يعيننا جميعاً لتحقيق الخير والسعادة لأبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة.
وقال سموه: لقد قسمنا هذه الوثيقة إلى تسعة بنود، تسهيلاً للتنفيذ، والمتابعة، والمحاسبة؛ على أن هذه الوثيقة لا تغني عن الخطط الاستراتيجية التي تقوم بها الحكومة، ولكنها وثيقة تضم جوانب من رؤيتنا لمدينة دبي المستقبل والحياة التي نتمناها لكل من يعيش في هذا المجتمع. وسنعلن في الرابع من يناير كلّ عام، عن وثيقة الخمسين التي تضم مشاريع استثنائية في دبي.
وختم سموه: توجيهاتنا للجميع بالعمل وفقاً لهذه الوثيقة، ووفقاً لوثيقة المبادئ الثمانية التي أطلقناها أيضاً؛ ضماناً لاستمرار الرخاء، وديمومة الازدهار، وتسارع المسيرة.
نص الوثيقة
في ما يلي البنود التسعة، التي سأتابعها بنفسي، وسيشرف عليها ولي العهد حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم.
البند الأول:
خط دبي للحرير
قَدَر دبي أن تكون محطةً بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وقَدَرها أن تكون مطار العالم وميناءه الرئيس. لدينا أكبر مطار دولي في العالم يربطنا مع أكثر من 200 مدينة، وسيعبر خلال الأعوام العشرة المقبلة أكثر من مليار مسافر عبر مطاراتنا.
وندير نحو 80 ميناء في العالم، يرتبط كل منها بعشرات المدن. ستكون محطتنا التالية بناء خط الحرير الخاص بنا، بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء. منطقتنا منطقة حضارة وتجارة، ولا بدّ من استعادة هذا الدور، وسنعمل على بناء منظومة دولية لدعم هذه الطموحات.
البند الثاني:
رسم خريطة اقتصادية جغرافية لدبي
سنعمل خلال الفترة المقبلة، على وضع خريطة اقتصادية جغرافية لمدينة دبي وتحويلها إلى مناطق اقتصادية تخصصية ومتكاملة وحرة. وكل قطاع جغرافي-اقتصادي في المدينة سيكون له مجلسه الذي يديره ويسوِّق له، وينافس به المناطق الأخرى المشابهة عالمياً. وسيكون لكل قطاع جغرافي أهدافه الاقتصادية والاستثمارية التي سنتابع تحقيقها بكل شفافية. وسيُعيّن محافظ لكل قطاع اقتصادي، ليقود تحقيق الأهداف التي أنشئ القطاع من أجلها.
البند الثالث:
إنشاء أول منطقة تجارية افتراضية
ستقود دبي إنشاء أول منطقة تجارية افتراضية في المنطقة، حيث ستمنح رخصاً تجارية من دون اشتراط الإقامة في دبي، مع فتح حسابات بنكية ومنح إقامات إلكترونية، وفق أعلى الضوابط القانونية الدولية. نستهدف 100 ألف شركة في المنطقة الافتراضية. وهدفنا أن يكون فتح شركة في عالمنا العربي، أسهل من فتح حساب بريد إلكتروني.
البند الرابع:
تطوير ملف تعليمي مركزي لكل مواطن
سنطوّر ملفاً تعليمياً مركزياً إلكترونياً للمواطن منذ ولادته، يستمر معه طوال حياته، لتوثيق جميع الشهادات التي يحصل عليها والدروس التي يتلقاها والدورات والمؤتمرات التي يحضرها، ووضع خطط تعليمية تتناسب مع حالة كل مواطن الصحية والجسدية، ومهاراته الشخصية وطبيعة الوظيفة المستهدفة له. نريد نظاماً تعليمياً يكتشف مواهب كل إنسان ويطورها. هدفُنا تعليمٌ مدى الحياة، ليستطيع مواطنونا تطوير قدراتهم ومهاراتهم باستمرار، لمواكبة حجم التغيرات المتسارعة التي سيشهدها العالم خلال الفترة المقبلة.
البند الخامس:
طبيب لكل مواطن
سنعمل على توفير الاستشارات الطبية للمواطنين على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع، من قبل مئات الآلاف من الأطباء والأخصائيين والمستشارين المتخصصين من جميع بلدان العالم، عبر شركة تخصصية بتطبيقات الحكومة الذكية. هدفُنا تغيير المنظومة الطبية لتقريب الأطباء، وتعميق الوعي، واستخدام أفضل العقول الطبية عالمياً في خدمة مواطنينا.
البند السادس:
تحويل الجامعات مناطق اقتصادية وإبداعية حرة
دبي قامت على التجارة، وتسعة أعشار رزقنا في التجارة. سنبدأ من العام القادم إعلان جامعاتنا الوطنية والخاصة، مناطق حرة تسمح للطلاب بممارسة النشاط الاقتصادي والإبداعي، وجعله ضمن منظومة التعلُّم والتخرُّج، وتكوين مناطق اقتصادية وإبداعية متكاملة تحيط بهذه الجامعات. وستدعم هذه المناطق الطلاب تعليمياً وبحثياً ومالياً، خلال إنشاء مشاريعهم. الهدف ألا تخرِّج جامعاتنا طلاباً فقط، بل تخرّج شركاتٍ وأرباب عمل أيضاً.
البند السابع:
اكتفاء ذاتي من الماءوالغذاء والطاقة في عُشر بيوت مواطنينا
سنعمل على تطوير برنامج متكامل، بالتعاون مع المواطنين الراغبين لتجهيز أنظمة متكاملة لتحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء والطاقة والمياه، على الأقل في عُشر منازل المواطنين، تغييراً لنمط الحياة، وحفاظاً على البيئة.
نهدف إلى خلق قطاع اقتصادي جديد يدعم اكتفاءً ذاتياً من الطاقة والغذاء والماء في منازل السكان في دبي، لمدة شهر على الأقل، بحيث تزيد لاحقاً.
البند الثامن:
إنشاء شركات تعاونية للمواطنين في الصحة والتعليم والغذاء وغيرها
هو برنامج طويل الأمد، هدفه مضاعفة دخل المواطنين، وتحسين جودة بعض الخدمات، عن طريق تخصيص بعض الخدمات العامة، فضلاً عن إنشاء شركات تعاونية يملكها المواطنون في مجموعة من القطاعات الحيوية والخدمات الأساسية.
البند التاسع:
تحقيق نمو سنوي في الأعمال الإنسانية يعادل نمونا الاقتصادي ويواكبه
حفظ الله بلادنا بعمل الخير وبالعطاء للآخرين، وينبغي ألا تشغلنا أعمالنا الكثيرة ومشاريعنا المتعددة عن العطاء والبذل، من أجل كل محتاج. ونحن نتعهّد هنا في ختام هذه الوثيقة بزيادة أعمال الخير سنوياً، والحرص على تنميتها بنسبة تعادل على الأقل نمونا الاقتصادي السنوي. عمل الخير هو سر من أسرار سعادة المجتمعات وديمومة الخير والترقي الحضاري.
هذه بعض جوانب رؤيتنا المقبلة. أحببتُ أن تكون محدّدةً بمجموعة من البرامج العملية التي يمكن تنفيذها وقياسها، بحيث تنعكس بشكل مباشر على اقتصادنا ومجتمعنا وحياة مواطنينا. وفي كل عام في الرابع من يناير، سنعلن عن برامج كبرى، نجدِّد بها مسيرتنا ونضاعف أعمالنا ونسعد مجتمعنا. والله الموفق أولاً وأخيراً.
المبادئ الثمانية لدُبي
أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن ثمانية مبادئ للحكم والحكومة في دبي، أوصى جميع من يتولى مسؤولية في دبي أن يلتزم بها، مهما كانت الظروف، أو تبدلت الأحوال، أو تغيرت الوجوه، معرباً سموه عن شكره الجزيل لكل من قال كلمة تقدير في حقه، بمناسبة مرور 50 عاماً على تولي سموه أول منصب له في خدمة الوطن:
بسم الله، والحمد لله…
من محمد بن راشد آل مكتوم إلى كل من يتولى مسؤولية في إمارة دبي.
الاتحاد هو الأساس
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في المبدأ الأول، الذي جاء تحت عنوان «الاتحاد هو الأساس»: «دبي جزء من دولة الإمارات، وركن في الاتحاد، ترابها تراب الإمارات، ومصيرها مصير الإمارات، وخيرها لكل الإمارات، وشعبها فداء لكل ذرة في دولة الإمارات. نحن في كنف وحمى الاتحاد. مصلحة الاتحاد فوق مصلحتنا، وقوانين الاتحاد فوق قوانيننا وتشريعاتنا، وسياسة الاتحاد هي سياستنا، وأولويات حكومة الاتحاد هي أولويات حكومتنا».
لا أحد فوق القانون
وأضاف سموه، في المبدأ الثاني الذي حمل عنوان: «لا أحد فوق القانون»: «العدل دولة وقوة وعزة، وضمان استقرار وازدهار. لا أحد فوق القانون في دبي، ولا أستثني أحداً من الأسرة الحاكمة. ولا فرق بين مواطن ومقيم، أو غني وفقير، أو ذكر وأنثى، أو مسلم وغير مسلم، في تطبيق القانون. والتأخر في العدالة ظلم. وكل عادل هو عندي قوي، وكل ظالم هو عندي ضعيف. والظلم في أي مكان أو لأي فرد هو تهديد للعدالة كلها في الإمارة. وأنا بريء من كل ظالم، وستبقى الأسرة الحاكمة بريئة من كل ظلم ما بقيت تحكم هذه الإمارة.«
عاصمة للاقتصاد
وأشار سموه في المبدأ الثالث، تحت عنوان: «نحن عاصمة للاقتصاد»: «هدف حكومة دبي وغايتها تحسين حياة الناس بتحسين الاقتصاد. دبي لا تدخل في السياسة، ولا تستثمر فيها، ولا تعوّل عليها لضمان تفوقها. دبي صديقة لكل من يحمل لها ولدولة الإمارات الخير، وصديقة للمال والأعمال، ومحطة عالمية لخلق الفرص الاقتصادية.«
محركات النمو
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في المبدأ الرابع، تحت عنوان: «النمو له محركات ثلاثة»: «نمو دبي تقوده ثلاثة محركات؛ حكومة ذات مصداقية ومرونة وتميز، وقطاع خاص نشط وعادل ومفتوح للجميع، وقطاع شبه حكومي ينافس عالمياً ويحرك الاقتصاد محلياً، ويشكل للحكومة دخلاً وللمواطنين وظائف وللأجيال القادمة أصولاً.«
شخصية متفردة
وفي المبدأ الخامس، الذي حمل عنوان: «مجتمعنا له شخصية متفردة»، أكد سموه: «هو مجتمع يتميز بكثرة العمل وقلة الجدل، مجتمع يتميز بالانضباط والالتزام في وعوده ومواعيده وعهوده؛ متواضعون عند النجاح، مثابرون عند التحديات، ناشرون للخير، منفتحون على الجميع. مجتمع يسوده الاحترام، ويربط كافة مكوناته التسامح، ويبتعد عن العنصرية والتمييز. لا نقبل بمن يصنّفون المجتمعات أو يثيرون الكراهية. الأصل في الجميع عندنا الخير والإخلاص والولاء وحب الوطن إلا إذا أثبت القانون عكس ذلك. ولا يجوز لأحد أن يحكم على أحد أو يحاكمه، إلا من خوّلناه القضاء أو كلّفناه تطبيق العدالة».
تنويع الاقتصاد
وتابع سموه، في المبدأ السادس «لا نعتمد على مصدر واحد للحياة»: «تنويع الاقتصاد قاعدة في دستور دبي غير المكتوب منذ العام 1883. وتغير الزمن وسرعة التطورات يفرضان الالتزام بهذا المبدأ دائماً وأبداً. وهدفنا الجديد: استحداث قطاع اقتصادي جديد على الأقل كل ثلاثة أعوام، قطاع منتج ومساهم في ناتجنا المحلي وموفّر للوظائف وقادر على الاستمرار بقوة دفعه الذاتية».
أرض للمواهب
أما المبدأ السابع «أرض للمواهب»، فأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «دبي قامت على الموهوبين من التجار والإداريين والمهندسين والمبدعين والحالمين. بقاء دبي متفوقة مرهون ببقائها قبلةً للمتفوقين، واستمرار تنافسيتها مرهون باستمرار استقطابها لأصحاب العقول والأفكار. ولابد من تجديد سياساتنا وإجراءاتنا بشكل مستمر لتجديد جاذبيتنا للمواهب، ولابدّ من بناء الحياة الأفضل في دبي لأصحاب العقول والأفكار الأفضل«.
نفكر بالأجيال
واختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المبادئ بالمبدأ الثامن «نفكر بالأجيال»، بقوله: «لا نترك مصير الأجيال القادمة مرهوناً بتقلبات السياسة الإقليمية ودورات الاقتصاد العالمية، بل نستثمر لهم، ونخلق أصولاً استثمارية من أجلهم. وقاعدتنا في ذلك أن تمتلك الحكومة في كل الأحوال أصولاً تعادل عشرين ضعف ميزانيتها السنوية على الأقل. نسعى لضمان المستقبل، ونفكر من اليوم في رخاء أجيالنا القادمة».