قصيدة وثبت تستقرب النجم مجالا

الشاعر عمر أبو ريشة

 

وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا
وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في
شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ
أجمالٌ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ
وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما
انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها
نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن
أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا؟
فَرَنت شامخةً أحسبها
فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ
جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي، ألمح الدهرُ على
ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ
بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى
وتخطوا ملعب الغرب !! نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم
وتحدى، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ
إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ، وغامتْ أعيني
برؤاها، وتجاهلتُ السؤالا

* عمر أبو ريشة ( 1910 ـ 1990 )
شاعر سوري شهير، ولد في منبج في سوريا، وتلقى تعليمه الابتدائي في حلب، وأتم دراسته الثانوية في الجامعة الأميركية، ثم أرسله أبوه إلى انجلترا عام (1930م)، ليدرس الكيمياء الصناعية. يعتبر عمر أبو ريشة من كبار شعراء وأدباء العصر الحديث وله مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي، كان له حضور دبلوماسي كبير فقد كان سفيراً لبلده في النمسا والهند وأميركا، حمل في عقله وقلبه الحب والعاطفة للوطن وللإنسان وللتاريخ السوري والعربي وعبر في أعماله وشعره بأرقى وأبدع الصور والكلمات والمعاني.والقصيدة من عيون شعره في وصف حسناء اسبانية جلست قربه في الطائرة، وهي تقترب في معناها من قصيدة نزار قباني (غرناطة) التي يصف فيها دليلته الاندلسية.

قصيدة غرناطة

لنزار قباني

في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
عينان سوداوان في جحريهما
هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة
وأمـية راياتـها مرفوعـة
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
وجه دمشـقي رأيت خـلاله
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة
واليـاسمينة رصعـت بنجومها
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها
في وجهك العربي، في الثغر الذي
في طيب “جنات العريف” ومائها
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها
قالت: هنا “الحمراء” زهو جدودنا
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها

ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
قالت: وفي غـرناطة ميلادي
في تينـك العينين.. بعد رقاد
وجيـادها موصـولة بجيـاد
لحفيـدة سـمراء من أحفادي
أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
كانـت بها أمي تمد وسـادي
والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
في شعـرك المنساب..نهر سواد

ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في الفل، في الريحـان، في الكباد
كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
والزركشات على السقوف تنادي
فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
رجلاً يسمـى “طـارق بن زياد”